روائع مختارة | روضة الدعاة | استراحة الدعاة | قل هذه سبيلي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > استراحة الدعاة > قل هذه سبيلي


  قل هذه سبيلي
     عدد مرات المشاهدة: 3706        عدد مرات الإرسال: 0

الحمد لله العظيم المنة، مانح البشرى لأهل السنة، والصلاة والسلام على إمام الدعاة العاملين، ومعلم المبلغين عن رب العالمين محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وبعد:

فاعلم أيها الحبيبُ الأصفى، والصديقُ الأوفى، أن مقامَ الدعوةِ إلى الله تعالى من أعظمِ مقاماتِ العبدِ على الإطلاق، إنه سبيلُ إمامِ الدعاة وسيدِ الهداة عليه الصلاة والسلام: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين} نعم- شقيقَ الروح- إن هذا السبيلَ ليس سبيلًا أرضيًّا دنيويًّا، بل هو سبيلٌ واضحُ المعالم، ثابتُ الأصل، صافي المشرب، حسنُ الثواب، سموُّه بالربانية، وعظمتُه ببراءته من أدرانِ الشركِ والجاهلية. يمضي السالكُ فيه غيرَ هيَّابٍ ولا وَجِلٍ مدركًا طبيعتَه وتكاليفَه وعقباتِه، متمثلًا قولَ أمير المؤمنين الرباني الراشد عمر بن عبد العزيز: (إني لأعالجُ أمرًا لا يعينُ عليه أحدٌ إلا الله، قد فَنيَ عليه الكبير، وكَبُرَ عليه الصغير، وهاجر عليه الأعرابي، وفَصُحَ عليه الأعجمي، حتى حَسِبوه دينًا لا يرون الحقَّ غيره).

يمضي الداعيةُ وهو يرى سطوةَ الباطلِ وشدتَه، وانتفاخَه وزخرفتَه، لكنه مع ذلك كله لا يسأم، وأنى له ذلك وآيُ القرآن تلامسُ جنباتِ قلبه، فيرتلُ في نشوة علوية رائعة {ومن أحسن قولًا ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين} فيصلح نيتَه ويزكي همتَه، لا ينزوي يائسًا يلعن الظلامَ ويبكي حالَ الأمةِ وما صارت إليه من ضلالٍ وغواية، بل يوقد السراجَ لدلالةِ الخلقِ على الحق، ليكون في مقام رفيع من مقامات الأنبياء، وفي مربطٍ عظيم من مرابط الشجعان الأصفياء. وإن شئت الإيضاح والتفصيل وجدت ابن الجوزي يصارحك أن (الزهاد في مقام الخفافيش، قد دفنوا أنفسهم بالعزلة عن نفع الناس، وهي حالة حسنة إذا لم تمنع من خير، من صلاة جماعة واتباع جنازة وعيادة مريض. إلا أنها حالة الجبناء. فأما الشجعان فهم يتعلمون ويعلمون).

وهذه مقامات الأنبياء عليهم السلام. فكن أيها الحبيبُ من زمرة الأصفياء الشجعانِ هذه، التي شد نجباؤها قلبَ الإمامِ أحمد فأنشأ يصفهم بأنهم: (يدعونَ من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويُبَصِّرُونَ بنور الله أهلَ العمى، فكم من قتيلٍ لإبليسَ قد أحيَوه، وكم من ضالٍ تائهٍ قد هدَوه، فما أحسنَ أثرَهم على الناس وما أقبحَ أثرَ الناسِ عليهم).

كن منهم- حبيبَ القلب- وإلا كنتَ عن السبيلِ النبويِ بمعزل..

أنت نشءٌ و كلامي شُعلٌ *** علّ شدوي مضرمٌ فيك حريقا

ليس في قلبي إلا أن أرى *** قطرة فيك غدت بحرًا عميقا

لا عرى الروحَ هدوءٌ ولتكن *** بحياة الكَدِ و الكَدحِ خليقا

وما تطلعَ لحُسن الثوابِ إلا صادقُ نية، وما ذُلَّلَت صعابٌ إلا لعليِّ همة..

سدد الله جهودك بالمثوبة والفلاح، والحمد لله رب العالمين.

الكاتب: محمد العيساوي.

المصدر: موقع كتاب عبد الله بن مسعود.